Sunday, September 25, 2005

البعد الرابع .. !!


عندما يسأل أحدهم مجموعة أشخاص .. ما هو الأرزيز ! فمن الصعب أن تجد تصوراً محدداً له. فقد يربط شخص ما الأرزيز بشجر الأرز ليقول لك أنه شجرة عملاقة عظيمة الأوراق ساقها الى أسفل وجذورها إلى الأعلى! وقد يربط آخر الأرزيز بالزيز الذي هو حشرة خضراء اللون تكثر في المروج الربيعية .. ليقول لك أن الأرزيز هو زيز عملاق أصفر بتسعين قدماً و عين واحدة !! وقد يقول واحد لا أعرف هذا الأرزيز. الأجوبة كلها مبهمة لا تعطي جواباً شافياً ويغلب عليها الخيال أو الافتراض.

تتحدث نظرية الاوتار Superstrings Theory (وهي أخطر نظرية في الفيزياء المعاصرة) عن وجود 12 بُعد على الاقل في الطبيعة !!

لكي نفهم و نتخيل ما هو البعد الرابع يجب أن نستوعب بُعدياً أقل سعة يمثلها البعد الثالث أو الثاني.

دعنا نبدأ من البداية و لنتخيل بيئة لا بعدية أي كل شيء منطبق على نقطة واحدة وحيدة تمثل كل شيء. حقيقة كآية ما بعدها كآبة أن يتحول كل شيء إلى مجرد نقطة بلا أبعاد أو حركة! و لكن لنحاول أن نتوسع قليلاً ونعطي مجالاً حركياً جديداً لهذه النقطة.

تعال نمثل النقطة السابقة بعلامة من رأس القلم الرصاص المدبب على الورقة. تمثل هذه النقطة البيئة اللا بعدية. الآن لنضع قلم الرصاص المدبب في مكان النقطة ولنحركه قليلاً إلى اليمين. سيرتسم لدينا خط مستقيم نشأ من أثر حركة النقطة. لنتخيل الآن الحياة في هذة البيئة وحيدة البعد!

ستكون كل الكائنات عبارة عن قطع مستقيمة منبطحة على هذا المستقيم. ولن يكون بمقدور هذه القطع الحركة إلا إلى اليمين أو اليسار. و حتى هذه الحركة محدودة جداً! فلا يمكن تجاوز العنصر الذي على اليمين و لا يمكن القفز فوق العنصر الذي على اليسار. و عليك ككائن في مثل هذه البيئة أن تنتظر زميلك ليتحرك أو قد تضطر لدفعه إلى الأمام و هو سلوك غير لطيف لا يليق بكائن ثلاثي البعد فكيف بواحد ذو بعد واحد !!

رغم أن كل الكائنات في ذلك البعد هي مستقيمات أو قطع صغيرة مستقيمة فإن كل كائن سيرى نقطة واحدة من الكائن الذي إلى جواره لعدم تمكنه من "النظر" أو الحركة إلى الأعلى فمفهوم الأعلى أو الأسفل غير موجود في عالم وحيد البعد.

الآن إلى مزيد من الحرية. وبعودة إلى المستقيم السابق سنحاول تحريكه إلى الأعلى قليلاً مع ترك الأثر الذي تتركة كل نقطة من نقاطة ظاهراً. سيكون الناتج كما توقعت مستوى. تبدو الحركة في بيئة المستوى أكثر قبولاً. فهنا يمكن للكائن أن يتحرك يميناً أو يساراً وفي حالة صادفه عائق ببساطة سيتحرك إلى الأعلى ثم يتجاوزه إلى المكان الذي يريده.

وهنا في هذه البيئة لا يمكن أن نرى إلا المستقيمات فإذا صادفت مربع مثلاً سترى جانب واحد منه ولاستكشافه سنضطر إلى الدوران حوله دورة كاملة لنتمكن من رؤية كل جوانبه. ولكن ما زال هناك مشكلة. لنتخيل وجود مربع ورسم بداخله أحد أقطاره. لا يمكن لكائن ذو بعد ثنائي أن يشاهد ماذا يوجد في داخل المربع والحل الوحيد هو فتح ثغرة في جدار المربع والدخول إلى الداخل عندها فقط يمكنك أن تتمتع برؤية قطر المربع!

في هذه النقطة بالذات ستحسد الأشخاص الذين يعيشون في وسط ثلاثي لأنهم غير مجبرين على فتح ثغرة في جدار المربع لرؤية ما بداخلة لأنه واضح ظاهر بما يمتلكون من حرية يتيحها البعد الثالث. ولنتخيل وجود شخصين من جماعة ثنائي البعد محشورين داخل دائرة والدائرة هي أيضاص كائن ذو بعد ثنائي.الآن ماذا لو رسمنا خطاً مستقيماً يفصل ما بين الكائنين؟ عندها لن يستطيع أي كائن منهما رؤية الآخر لوجود عازل طبيعي هو المستقيم. ولن يستطيع أي منهما القفز فوق المستقيم الفاصل لعدم وجود البعد الثالث الذي يتيح هذه الامكانية وسيقضي الكائنان بقية عمرهما كذلك ما لم نمح جزءاً من هذا المستقيم.

الآن سنعطي البيئة بعداً جديداً ليصبح ثلاثياً. كيف ؟؟؟ نحرك المستو السابق بكامل نقاطه إلى الأعلى ... ما هو الشكل الهندسي الناتج عن مثل هذه الحركة ؟؟ مكعب بستة أسطح وثمانية رؤؤس واثنا عشر خطاً. لا داع للتوسع في وصف هذا الوسط لأنه الوسط الذي نعيش فيه! وهنا نستطيع بسهولة تخطي المستقيم الذي يعزل بين كائنين في دائرة باستعمال البعد الثالث "إلى الأعلى" ويمكن ببساطة مجرد القاء نظرة على المربع لنعرف إذا ما كان بداخله قطر أو غير ذلك. حياة تبدو سهلة ومريحة ولا تو جد بها قيود البعد الثاني أو الأول!!

فهمتَ الآن معاناة إخواننا (المفترضين!) في البعد الأحادي والثنائي .. فبعض المفاهيم التى تبدو لنا بديهية (كفوق وتحت) هي عندهم لا وجود لها ولا معنى لها وسيجدون صعوبة في تخيلها بل ربما لن يتمكنوا من ذلك كما هو حالنا نحن الثلاثيون مع الرباعيين فليس بإمكان عقولنا - ونحن في البعد الثالث - تخيل بعد رباعي !!

ولذا يجد الملحدون صعوبة كبيرة في الإيمان بوجود عوالم أخرى كعالم الجن والملائكة !

لا يستطيعون استيعاب فكرة أن كائناً ما لديه القدرة على الظهور في بعد أدنى من البعد الذي هو فيه بحيث يستطيع أهل البعد الجديد رؤيته .. ومن ثم يختفي عن أنظار أهل ذلك البعد بحيث لا يستطيعون الإمساك به أو العثور عليه !!

الحقيقة أن الكائن ثلاثي البعد الذي صعد إلى الأعلى لينظر إلى ما بداخل المربع لم يختفي من العالم .. بل كان يرى من هم دونه من حيث لا يرونه ! .. ونفس الشيء ينطبق على أهل البعد الرابع .. هكذا بكل بساطة.

فلنتخطى الآن كل ما ذكرناه أعلاه .. سنصل إلى حياة بأربعة أبعاد .. لا يمكن أن نحدد وسطاً كهذا باللغة العادية ولا يمكن أن نرسمه!

إذا كنا نعيش باستمرار في مكان ذو بعد رباعي فلن يكون هناك معنى للسجون! .. سنتمكن من الخروج من الأماكن المغلقة عبر البعد الرابع تماماً كما تمكن حبيس الدائرة من القفز فوق المستقيم عبر البعد الثالث! والأعجب من ذلك سنتمكن من مشاهدة دواخل الأشياء .. يمكنك أن تشاهد اللقمة وهي تنزلق في جوف زميلك!! كما تمكنا من مشاهدة قطر المربع وذو البعد الثنائي ونحن موجودين في بعد ثالث.

والكثير من الخوارق التي تبدو غير ممكنة!


كلام جانبي:

قد تجد في الطبيعة مواداً ذات نزعة "ثنائية البعد" و مواداً أخرى "ثلاثية البعد" أي تريد أن تكون ثلاثية أو ثنائية البعد .. للتوضيح جرّب أن تدلق كأساً من الماء فوق الأرض .. حسناً .. ماذا ترى ؟؟ ..الماء ينساح يميناً وشمالاً أماماً وخلفاً وفي كل الاتجاهات على سطح الأرض أي على سطح المستو .. لاحظ أن الماء لا يريد أن يذهب إلى أعلى حيث البعد الثالث .. بل يظل يمطمط نفسه حتى يصبح سمكه "بعده الثالث" أقل ما يمكن .. ماذا نسمي هذا السلوك "الرجعي المشين" ؟؟ إنه سلوك ثنائي البعد.

ولتوضيح الأمر أكثر تعال إلى زجاجة مملوءة بالغاز ..افتحها .. ماذا تجد ؟؟ .. بكل فخر ينطلق الغاز مالئاً الفراغ .. أي الأبعاد الثلاثة ... (سلوك حضاري يتناسب مع بيئة ثلاثية البعد!).

***

هامش:

الأرزيز هو التلفزيون حسب مجمع اللغة العربية !!

0 Comments:

Post a Comment

<< Home