صفحات تائهة

Thursday, October 06, 2005

محور الشر أعداء ابن سعود ... الحقيقة عارية !


محور الشر أعداء إبن سعود 00 ومباحث محمد بن نايف الشرعية 00 الحقيقة عارية
بقلم: الحكومه .. فارس من فرسان القلعة

من هم المفسدون في أرض إبن سعود ؟

السؤال سهل للغاية وقد حددهم إبن سعود منذ زمن ونطق عنه عبده البقرة المقدسة إبن باز وقال هم :
الفقيه والمسعري وبن لادن وفتاواه في تجريمهم وجمعهم معاً كمصدر أساسي للشر والإفساد معروفة ولاحاجة لي بنقلها ونسخها ولصقها إختصاراً للوقت !!

إذن العدو واضح تماماً لإبن سعود ومحدد بدقة 00 ولا يتبقى إلا محاربته حرباً شعواء مهلكة لا تبقي ولاتذر 00 وقد بدأ إبن سعود حربه هذه بالفعل ومنذ مدة طويلة وتحديداً منذ صدر من بن باز ( الناطق الرسمي بإسم إبن سعود ) البيان العسكري رقم 1 في تحديد العدو ووصفه !!

ولم يدخر إبن سعود جهداً على الإطلاق في حربه هذه الثلاثية الجبهة 00 وماكان لإبن سعود أن يستغني في حربه الشعواء عن سلاحه الرئيسي للدمار الشامل 00 وهو السلاح الشرعي 00 أو فتاوى العلماء وآرائهم !!

فإبن سعود يعلم علم اليقين إن هذا السلاح الشرعي مازال وسيظل أقوى الأسلحة فتكاً وأشدها تأثيراً ودماراً على من صنفه إبن سعود وحدده كعدو ومصدر للشر والإفساد في الأرض !!

ولكن إستخدام أسلحة الدمار الشامل يتطلب حكمة وتكتيكاً معقداً وإلا عادت بالوبال على صاحبها وخسر من جراء إستخدامها ربما أكثر مما يخسره عدوه !!

وهذا بالفعل ما حدث لإبن سعود من جراء إستخدامه سلاح الدمار الشامل الشرعي بطريقته الغبية المعهودة 00 عندما أطلق مشائخ إبن سعود الفتاوى ضد أسامة بن لادن وجماعته يتهمونهم بالخروج ويسمونهم بالتكفيريين فلم ينجح سلاح إبن سعود ولم يتأثر به إلا قلة من البهائم بالفطرة 00 بل وإنعكس أثره على إبن سعود وعلماءه فسخر منهم الناس وفسقوا شيوخ إبن سعود وصاروا أضحوكة الجميع !!

واستمر إستخدام السلاح بنفس الغباء على الجبهة الثانية والثالثة جبهتي الفقيه والمسعري 00 فسن علماء إبن سعود ألسنتهم الحداد وسلقوا بها الرجلين مدعين أنهما عميلان للكفار الإنقليز حيناً ومثيرا فتنة ومروجا ضلالة حيناً ومقيمان في بلاد الكفر أحياناً أخرى !!

وأيضاً فشل سلاح إبن سعود الشرعي للدمار الشامل فشلاً ذريعاً وعاد بالخيبة والخسران على أصحابه 00 وفقد شيوخ إبن سعود ماكان قد تبقى لهم من مكانة في قلوب السذج 00 وعرفهم على حقيقتهم حتى أبسط الناس وأكثرهم سذاجة !!

وطوال فترة تجارب إبن سعود الفاشلة هذه فإنه كان يبحث عن التكتيك المعقد المناسب لإستخدام أسلحة الدمار الشامل بحكمة ينتج عنها أكبر الضرر للعدو ولا شيء تقريباً ضد صاحب السلاح !!

وهذا التكتيك المعقد لم يتوصل له إبن سعود إلا أخيراً وعلى يد خبير أسلحة الدمار الشامل محمد بن نايف وبعد أن أكثر من مستشاريه من خبثاء الأمريكان والعرب ومشائخ الإنترنت فعلموه هذا التكتيك المعقد ووضعوا له قواعده والرجل والحق يقال نبغ في إستخدام هذا التكتيك والذي وافق حكمة قديمة تعلمها من جده عبد العزيز الذي تعلمها بدوره من أسياده الإنقليز وهي حكمة تقول " فرق تسد " !!

وقبل أن أشرح هذا التكتيك الحديث القديم الذي هو الخيار المفضل الحالي لإبن سعود 00 دعونا نضع مجموعة من الحقائق لا أظن أن أحداً يخالفني فيها :

1- محور الشر والخطر الأكبر على إبن سعود محدد ومعروف بإعتراف إبن سعود وبفتاوى مشائخه 00 وهو محور ( بن لادن الفقيه المسعري ) !!

2- فتاوى علماء إبن سعود سواء الرسميين أوغير الرسميين ضد محور الشر ( بن لادن الفقيه المسعري ) أثبتت فشلاً ذريعاً 00 وعاد وبالها على إبن سعود وعلماءه وأصبحوا مسخرة الناس!!

3- باع العديد من المشائخ نفسهم بالكامل لإبن سعود ومنهم من كان في فترة من الفترات يحسب ضد إبن سعود 00 وهم على إستعداد لعمل أي شيء يرضيه ومهما كانت النتائج !!

4- من هؤلاء المشائخ البائعين أنفسهم لإبن سعود يتميز سفر الحوالي بجهوده الواضحة في مجال مكافحة المجاهدين ومحاولاته المستميتة لتسليمهم لسيده محمد بن نايف 00 والرجل نفسه لاينكر ذلك بل لا يكف عن التصريح به !!

5- العلاقة المتينة القوية بين سفر الحوالي ومحمد بن نايف غنية عن التعريف واعترف بها كلا الرجلان وفي أكثر من مناسبة !!

6- جرت منذ أشهر محاولات حثيثة لتلميع سفر الحوالي وإعادة بعض المصداقية المفقودة له عن طريق ترأسه لما يدعون أنها لجنة تدافع عن المسلمين المستضعفين ( واعذروني فقد نسيت اسمها ) 00 وبياناته وفتاواه سواء بمفرده أو مع مجموعة مثل مجموعة ال 26 القوية نوعاً ما ضد الأمريكان في العراق !!

7- فرق تسد هي سياسة يعشقها إبن سعود ونبغ فيها منذ بدايته المشئومة على أرض الجزيرة وإن كان أعاد إكتشافها الآن !!

8- خلق العدو العميل هي عملية قديمة برع فيها الأمريكان منذ عقود عندما خلقوا عملاءً خالصين لهم وإن تركوهم يدعون العداء للأمريكان ويسبونهم ويتشنجون ضدهم على منابر الخطابة 00 ومن أشهر الأمثلة عبد الناصر في مصر 00 وصدام في العراق 00 والقذافي في ليبيا 00 والإيرانيين في طهران وبعض هؤلاء كشفه التاريخ بأوضح ما يكون الكشف والبعض الآخر مازال له بعض الغطاء يحفظ به سوءته أمام أعين السذج !!

9- أثبتت الإنترنت أنها مجالاً هاماً للغاية وجبهة قتال عنيفة والسيطرة عليها تمنح المسيطر فرصة أكبر من خصمه في الإنتصار 00 فحتى وإن كان عدد روادها قليلاً إذا ما تمت مقارنتهم بتعداد شعب كامل 00 إلا أن روادها هم من أكثر الفئات تأثيراً في الشعب 00 وأن أفكاراً كثيرة بدأت في الإنترنت ثم إنتشرت كإنتشار النار في الهشيم في مجتمعات كاملة أو حتى العالم كله !!

10- أظهر إبن سعود إهتماماً بالغاً بالإنترنت وأدرك تماماً قيمتها وخطورتها 00 وما برامجه التلفزيونية الأخيرة ومناقشات عملاءه المعروفين حول الإنترنت إلا دليلاً ناصعاً على إدراكه لأهميتها وخطورتها !!

11 - إستخدام سلاح الدمار الشامل الشرعي يجب أن يكون بيد علماء شرعيين يجيدون العلوم الشرعية والإستدلال بالنصوص 00 وكذلك إستخدام الإنترنت كجبهة قتال يتطلب أن يكون المستخدم لديه إلماماً مقبولاً ولو بسيطاً بالإنترنت والكمبيوتر !!
إذن من يستخدم السلاح الشرعي في الإنترنت يجب أن يكون شيخاً لديه علوم شرعية وكذلك تقنياً لديه ولو الحد الأدنى من الإلمام بعلوم الكمبيوتر والإنترنت !!

12- هذه الصفات لاتتوافر إلا فيما يسمى بعلماء الصحوة أو جيل الوسط من العلماء ممن عرف إستخدام الإنترنت 00 وطبعاً لايمكن أن يكونوا طوال الوقت هم جنود الحرب بمفردهم ولكن يكفي أن يبدأ العالم الشرعي الإنترنتي هو وبعض تلاميذه الحرب 00 حتى يتلقفها باقي الأتباع بالنسخ واللصق 00 فتنتشر وتروج 00 ثم تزداد إنتشاراً بواسطة البسطاء والسذج أو المغفلين !!

وبناء على كل هذه الحقائق تم وضع التكتيك الجديد لإبن سعود وضعه له مستشاري السوء الأمريكان والعرب وتولى كبره وتنفيذه محمد بن نايف الذي نبغ مبكراً في المؤامرات والدسائس !!

وببساطة هذا التكتيك يستخدم ( سلاحه الشرعي للدمار الشامل ) ولكن بطريقة سياسة ( فرق تسد ) ضد محور أعداء بن سعود ( بن لادن الفقيه المسعري ) عن طريق ( خلق العدو العميل ) وذلك ( على جبهة الإنترنت ) تمهيداً لنشرها في المجتمع كله كما سبق الإيضاح 00 وجنوده فيها هم ( علماء شرعيون إنترنتيون ) وخير من يمثلهم هو ( سفر الحوالي وتلاميذه ) لكل الأسباب التي سبق شرحها !!

وبتفصيل أكثر :

1- لم يجد إبن سعود وسيلة لضرب أعداءه جميعاً أفضل من الإيقاع بينهم مستخدماً سلاحه للدمار الشامل أو الشرع كما يحلو له دائماً إستخدامه !!

2- ليتمكن إبن سعود من الإيقاع بهم شرعاً فيجب أن يكون ذلك عبر فتاوى ومقالات شرعية ساخنة يتم تلفيقها من قبل من يدعون أنهم ينتسبون لأحد الأطراف الثلاثة ( وتم إختيار طرف بن لادن والمجاهدين لأن كل منطلقاتهم بالكامل شرعية ) 00 على أن يكفروا أو يفسقوا في مقالاتهم ومشاركاتهم تلك الطرف الثاني أو الثالث أو الإثنين معاً 00 فيقع الخلاف الشرعي ويليه بالتأكيد الخلاف الشخصي وتنافر القلوب ومعاكسة الجهود 00 فيتفرغ كل من الأطراف الثلاثة لمحاربة الآخر ويأمن إبن سعود !!

3- الجبهة الأكثر ملائمة لتلك الحرب القذرة هي الإنترنت لأن كل كتابها مجهولون ويسهل فيها خداع البسطاء والسذج إلى جانب ما لها من تأثير شديد وإنتشار كبير !!

4- إستخدم إبن سعود في حربه القذرة هذه أعدى أعداء المحور الثلاثي ( بن لادن الفقيه المسعري ) وهو سفر الحوالي وتلاميذه وهو الذي باع نفسه منذ مدة بالكامل لإبن سعود وهو صاحب التحالفات التخابرية الوثيقة مع محمد بن نايف وهو الشيخ التقني المتطور صاحب العلوم الشرعية واللسان البليغ وحظ لابأس به من العلوم الإنترنتية 00 ويمثل مع طلابه الذين فتنوا به خميرة ممتازة للبداية !!

5- الإنتشار الكثيف لخباثات هذا الفريق ستتوالى تباعاً وسيشترك فيها بالقطع العديد من البسطاء من أحباب أي طرف من أطراف محور أعداء إبن سعود الثلاثي وسينزلقون بسهولة إلى هذه الهاوية التي أعدت لهم بمهارة 00 فكل المقالات السمية مليئة بالإستدلالات الشرعية التي تخدع البسطاء وسليمي النية 00 ودور الخبثاء العملاء سيقتصر على النفخ في النار كلما أوشكت على الخمود !!

6- بدأت بوادر هذه الحرب القذرة مع طلب الدكتور سعد الفقيه بارك الله فيه من الناس أن تخرج في مظاهرات وإعتصامات 00 فظهر لنا من يقول لن نتبع سعداً ولن نرضى بغير أسامة بديلاً 00 وتبع هذه المقولة عدد لا بأس به من المخدوعين 00 فقد أوهموهم أن الأمر مفاضلة بين الشيخ أسامة والدكتور سعد فتحزب كل حزب إلى من يحب !!

7- أكملت المؤامرة القذرة مسيرتها المشئومة 00 يسيرها نفس الخبثاء العملاء وقالوا أن سعد الفقيه وحركة الإصلاح هي حركة دنيوية بحتة ماقامت إلا من أجل الدنيا 00 ورضيت بمداهنة الكفار الحربيين ولم تعلن حربها عليهم 00 وللأسف الشديد ومرة أخرى تبع هذه المقولة الباطلة والكذبة الكبرى بعض البسطاء وبعض السذج وبعض المغفلين والكثير من الخبثاء كلاب السلطان !!

8- فشل العملاء بإتهام الدكتور المسعري بارك الله فيه بنفس التهمة وهي مداهنة الكفار 00 فأصروا على أن يجدوا له تهماً أخرى يفسقونه بها أو يخرجونه من الدين تماماً 00 ووجد مشائخ إبليس ضالتهم في مقولات الرجل الشرعية وقتلوها مناقضةً وتجريحاً وإتهاماً 00 وكفروا الرجل بأن قالوا هو من أحباب الرافضة ولبسوا على الناس وساقوا إستدلالاتهم الشرعية الخبيثة البغيضة المغرضة !!

9- إستمرت الحرب القذرة مستهدفة الدكتور المسعري جعله الله شوكة في حلوقهم 00 وها أنتم تقرأون يومياً في الإنترنت المقالات المطولة لاهم لها إلا الرجل وكلماته وآراءه فتكفره وتفسقه 00 وإنساق وراءها كالعادة المغفلون !!

10 - أدمن الخبثاء العملاء البجاحة والخسة وتطوروا هذه المرة ليكفروا المسعري ويسألوا الله أن يسعر به جهنم ( هكذا هم قالوا ) 00 ولكن هذه المرة ليس على لسان مجاهيل يكتبون في الإنترنت ولكن على لسان من أوهموا الناس أنه يحسب على بن لادن والقاعدة مباشرة وهو من قالوا أنه أخو من طاع الله 00 والغريب في الأمر أن هذا المقال الدنيء لم يظهر إلا الآن برغم أن الأنجاس يدعون أنه كتب منذ مدة طويلة 00 فلماذا لم يظهر إلا الآن وبعد أن ظن الكثيرون أن أخو من طاع الله هو بالفعل من تنظيم القاعدة 00 بينما هذا إسم عام ويستخدمه الكثيرون وعلى سبيل المثال أنا بنفسي كنت أكتب يوماً في أحد المنتديات بإسم ( أخو من طاع الله ) !!

11- حربهم القذرة حاولت الإيقاع بين بن لادن والفقيه وبين بن لادن والمسعري والآن بدأ توجه جديد نحو محاولة الإيقاع الشرعي بين الفقيه والمسعري 00 وما المقال الذي يقولون أن من كتبه أخو من طاع الله إلا البداية فهو يطعن طعناً خفياً في سعد الفقيه وفي نفس الوقت يزكيه عن المسعري ويعيذه بالله أن يكون مثل المسعري في الكفر 00 أرأيتم أخبث وأحقر وأحط من ذلك ؟؟ أنا عن نفسي والله لم أرى !!
وكذلك في نفس المقال الخبيث تفضيل من طرف خفي لإبن سعود على المسعري 00 فهل يظن أحد العقلاء أن المجاهدين ممكن ن يقولوا بذلك ؟؟

12- ستستمر المحاولات المباحثية الدنيئة بقيادة مشائخ الإنترنت ولن تتوقف أبداً 00 وسيبدأ تحزب الناس إلى ثلاثة أحزاب يكنون لبعضهم البعض عداءاً أكثر بكثير مما يكنونه لإبن سعود لعنه الله 00 وستتدحرج الفتنة ككرة الثلج إلا أن يوقفها العقلاء وأعداء الطواغيت 00 وإلا ستبدأ حرب أعداء إبن سعود بين بعضهم البعض ويسلم إبن سعود 00 وكل ذلك بفضل بعض المشائخ الذين باعوا أنفسهم للشيطان وبعض طلابهم من عباد البقر المقدس وكذلك الكثير من السذج والمغفلين !!

13- كل تلك الحرب الملعونة لا يمكن أن تنجح إلا إن أدعى موقدوها أنهم أعداء لإبن سعود ولعنوا فيه وسبوا 00 وإبن سعود قد أعطاهم تصريحاً بذلك بل ورضى به وسعد فالمهم هو أن يصل إلى غرضه الدنيء 00 وله في ذلك عبرة بأسياده ومعلميه الأمريكان الذين علموه كيف يكون إعداد العميل العدو !!

وهناك أمثلة عديدة لهذه الحرب القذرة وجنودها ممن يكتبون هنا في القلعة وبعضهم يتخذ أسماء نساء وهو من طلاب سفر الحوالي المفتونين به 00 وبعضهم شخصيات معروفة في المجتمع 00 وبعضهم مع الخيل ياشقرا !!

وبرغم فشل آل سلول لعنة الله عليهم في أغلب حروبهم ضد أهل الحق 00 إلا أنني أخشى من أن ينجحوا هذه المرة لشدة الخبث وحسن الترتيب ولأن أصحاب العلم الشرعي المحاربون لا يمكن إتهامهم هذه المرة في الظاهر بأنهم من عملاء إبن سعود 00 وإن كانوا أقرب عملاءه إليه وأقواهم تأثيراً وأشدهم سحراً حتى ولو كانوا من طائفة العميل العدو !!

أسأل الله أن يهدي الجميع إلى مافيه خير المسلمين 00 وأن يفضح إبن سعود وعلماءه شر فضيحة عرفها بنو الإنسان 00 والله من وراء القصد وهو يهدي السبيل !!

أخوكم
الحكومه

Sunday, September 25, 2005

البعد الرابع .. !!


عندما يسأل أحدهم مجموعة أشخاص .. ما هو الأرزيز ! فمن الصعب أن تجد تصوراً محدداً له. فقد يربط شخص ما الأرزيز بشجر الأرز ليقول لك أنه شجرة عملاقة عظيمة الأوراق ساقها الى أسفل وجذورها إلى الأعلى! وقد يربط آخر الأرزيز بالزيز الذي هو حشرة خضراء اللون تكثر في المروج الربيعية .. ليقول لك أن الأرزيز هو زيز عملاق أصفر بتسعين قدماً و عين واحدة !! وقد يقول واحد لا أعرف هذا الأرزيز. الأجوبة كلها مبهمة لا تعطي جواباً شافياً ويغلب عليها الخيال أو الافتراض.

تتحدث نظرية الاوتار Superstrings Theory (وهي أخطر نظرية في الفيزياء المعاصرة) عن وجود 12 بُعد على الاقل في الطبيعة !!

لكي نفهم و نتخيل ما هو البعد الرابع يجب أن نستوعب بُعدياً أقل سعة يمثلها البعد الثالث أو الثاني.

دعنا نبدأ من البداية و لنتخيل بيئة لا بعدية أي كل شيء منطبق على نقطة واحدة وحيدة تمثل كل شيء. حقيقة كآية ما بعدها كآبة أن يتحول كل شيء إلى مجرد نقطة بلا أبعاد أو حركة! و لكن لنحاول أن نتوسع قليلاً ونعطي مجالاً حركياً جديداً لهذه النقطة.

تعال نمثل النقطة السابقة بعلامة من رأس القلم الرصاص المدبب على الورقة. تمثل هذه النقطة البيئة اللا بعدية. الآن لنضع قلم الرصاص المدبب في مكان النقطة ولنحركه قليلاً إلى اليمين. سيرتسم لدينا خط مستقيم نشأ من أثر حركة النقطة. لنتخيل الآن الحياة في هذة البيئة وحيدة البعد!

ستكون كل الكائنات عبارة عن قطع مستقيمة منبطحة على هذا المستقيم. ولن يكون بمقدور هذه القطع الحركة إلا إلى اليمين أو اليسار. و حتى هذه الحركة محدودة جداً! فلا يمكن تجاوز العنصر الذي على اليمين و لا يمكن القفز فوق العنصر الذي على اليسار. و عليك ككائن في مثل هذه البيئة أن تنتظر زميلك ليتحرك أو قد تضطر لدفعه إلى الأمام و هو سلوك غير لطيف لا يليق بكائن ثلاثي البعد فكيف بواحد ذو بعد واحد !!

رغم أن كل الكائنات في ذلك البعد هي مستقيمات أو قطع صغيرة مستقيمة فإن كل كائن سيرى نقطة واحدة من الكائن الذي إلى جواره لعدم تمكنه من "النظر" أو الحركة إلى الأعلى فمفهوم الأعلى أو الأسفل غير موجود في عالم وحيد البعد.

الآن إلى مزيد من الحرية. وبعودة إلى المستقيم السابق سنحاول تحريكه إلى الأعلى قليلاً مع ترك الأثر الذي تتركة كل نقطة من نقاطة ظاهراً. سيكون الناتج كما توقعت مستوى. تبدو الحركة في بيئة المستوى أكثر قبولاً. فهنا يمكن للكائن أن يتحرك يميناً أو يساراً وفي حالة صادفه عائق ببساطة سيتحرك إلى الأعلى ثم يتجاوزه إلى المكان الذي يريده.

وهنا في هذه البيئة لا يمكن أن نرى إلا المستقيمات فإذا صادفت مربع مثلاً سترى جانب واحد منه ولاستكشافه سنضطر إلى الدوران حوله دورة كاملة لنتمكن من رؤية كل جوانبه. ولكن ما زال هناك مشكلة. لنتخيل وجود مربع ورسم بداخله أحد أقطاره. لا يمكن لكائن ذو بعد ثنائي أن يشاهد ماذا يوجد في داخل المربع والحل الوحيد هو فتح ثغرة في جدار المربع والدخول إلى الداخل عندها فقط يمكنك أن تتمتع برؤية قطر المربع!

في هذه النقطة بالذات ستحسد الأشخاص الذين يعيشون في وسط ثلاثي لأنهم غير مجبرين على فتح ثغرة في جدار المربع لرؤية ما بداخلة لأنه واضح ظاهر بما يمتلكون من حرية يتيحها البعد الثالث. ولنتخيل وجود شخصين من جماعة ثنائي البعد محشورين داخل دائرة والدائرة هي أيضاص كائن ذو بعد ثنائي.الآن ماذا لو رسمنا خطاً مستقيماً يفصل ما بين الكائنين؟ عندها لن يستطيع أي كائن منهما رؤية الآخر لوجود عازل طبيعي هو المستقيم. ولن يستطيع أي منهما القفز فوق المستقيم الفاصل لعدم وجود البعد الثالث الذي يتيح هذه الامكانية وسيقضي الكائنان بقية عمرهما كذلك ما لم نمح جزءاً من هذا المستقيم.

الآن سنعطي البيئة بعداً جديداً ليصبح ثلاثياً. كيف ؟؟؟ نحرك المستو السابق بكامل نقاطه إلى الأعلى ... ما هو الشكل الهندسي الناتج عن مثل هذه الحركة ؟؟ مكعب بستة أسطح وثمانية رؤؤس واثنا عشر خطاً. لا داع للتوسع في وصف هذا الوسط لأنه الوسط الذي نعيش فيه! وهنا نستطيع بسهولة تخطي المستقيم الذي يعزل بين كائنين في دائرة باستعمال البعد الثالث "إلى الأعلى" ويمكن ببساطة مجرد القاء نظرة على المربع لنعرف إذا ما كان بداخله قطر أو غير ذلك. حياة تبدو سهلة ومريحة ولا تو جد بها قيود البعد الثاني أو الأول!!

فهمتَ الآن معاناة إخواننا (المفترضين!) في البعد الأحادي والثنائي .. فبعض المفاهيم التى تبدو لنا بديهية (كفوق وتحت) هي عندهم لا وجود لها ولا معنى لها وسيجدون صعوبة في تخيلها بل ربما لن يتمكنوا من ذلك كما هو حالنا نحن الثلاثيون مع الرباعيين فليس بإمكان عقولنا - ونحن في البعد الثالث - تخيل بعد رباعي !!

ولذا يجد الملحدون صعوبة كبيرة في الإيمان بوجود عوالم أخرى كعالم الجن والملائكة !

لا يستطيعون استيعاب فكرة أن كائناً ما لديه القدرة على الظهور في بعد أدنى من البعد الذي هو فيه بحيث يستطيع أهل البعد الجديد رؤيته .. ومن ثم يختفي عن أنظار أهل ذلك البعد بحيث لا يستطيعون الإمساك به أو العثور عليه !!

الحقيقة أن الكائن ثلاثي البعد الذي صعد إلى الأعلى لينظر إلى ما بداخل المربع لم يختفي من العالم .. بل كان يرى من هم دونه من حيث لا يرونه ! .. ونفس الشيء ينطبق على أهل البعد الرابع .. هكذا بكل بساطة.

فلنتخطى الآن كل ما ذكرناه أعلاه .. سنصل إلى حياة بأربعة أبعاد .. لا يمكن أن نحدد وسطاً كهذا باللغة العادية ولا يمكن أن نرسمه!

إذا كنا نعيش باستمرار في مكان ذو بعد رباعي فلن يكون هناك معنى للسجون! .. سنتمكن من الخروج من الأماكن المغلقة عبر البعد الرابع تماماً كما تمكن حبيس الدائرة من القفز فوق المستقيم عبر البعد الثالث! والأعجب من ذلك سنتمكن من مشاهدة دواخل الأشياء .. يمكنك أن تشاهد اللقمة وهي تنزلق في جوف زميلك!! كما تمكنا من مشاهدة قطر المربع وذو البعد الثنائي ونحن موجودين في بعد ثالث.

والكثير من الخوارق التي تبدو غير ممكنة!


كلام جانبي:

قد تجد في الطبيعة مواداً ذات نزعة "ثنائية البعد" و مواداً أخرى "ثلاثية البعد" أي تريد أن تكون ثلاثية أو ثنائية البعد .. للتوضيح جرّب أن تدلق كأساً من الماء فوق الأرض .. حسناً .. ماذا ترى ؟؟ ..الماء ينساح يميناً وشمالاً أماماً وخلفاً وفي كل الاتجاهات على سطح الأرض أي على سطح المستو .. لاحظ أن الماء لا يريد أن يذهب إلى أعلى حيث البعد الثالث .. بل يظل يمطمط نفسه حتى يصبح سمكه "بعده الثالث" أقل ما يمكن .. ماذا نسمي هذا السلوك "الرجعي المشين" ؟؟ إنه سلوك ثنائي البعد.

ولتوضيح الأمر أكثر تعال إلى زجاجة مملوءة بالغاز ..افتحها .. ماذا تجد ؟؟ .. بكل فخر ينطلق الغاز مالئاً الفراغ .. أي الأبعاد الثلاثة ... (سلوك حضاري يتناسب مع بيئة ثلاثية البعد!).

***

هامش:

الأرزيز هو التلفزيون حسب مجمع اللغة العربية !!

Saturday, September 10, 2005

الأعجوبة الثامنة

في سنة 1876 م كان العالم الإسلامي قد وصل إلى نقطة النهاية بعد أن تمكن العلمانيون من الدولة العثمانية و تم إعلان الدستور الكفري بعد مؤامرات و دسائس قادها مدحت باشا الملقب بأبي الدستور و كانت السلطنة تنتظر الضربة القاضية التي تأخرت و أطالت في عمر الدولة و قد جاءت في العام التالي .

كانت هذه الضربة هي حرب سنة 1877 م الشهيرة التي راح ضحيتها قرابة الـ 100 ألف جندي من جنود الدولة العثمانية نصفهم من العرب أهريقت دمائهم على سفوح جبال القوقاز و على ضفاف نهر الدانوب و خاصة في معركة بلافنا الشهيرة التي أبيدت فيها فرقتان كاملتان من العرب الذين أستبسلوا في القتال ضد جيوش الأرثوذكس التي تقودها روسيا دفاعاً عن أراضي المسلمين في البلقان .

كانت الدولة العثمانية آنذاك تعاني الأمرين من جراء ملايين الجنود الذين أستشهدوا في الحروب الضارية التي خاضتها منذ 200 سنة مضت و كانت كلها حروب خاسرة و كانت الدولة العثمانية تمثل آخر القلاع الإسلامية بعدما طال عمرها و عانت من الضربات الخارجية و الدسائس الداخلية و لعل أصدق موقف يدل على ذلك هو موقف السلطان عبد العزيز أثناء زيارته لـ ( نابليون الثالث ) في باريس حين سأله الإمبراطور الفرنسي عمن تكون أقوى دولة في العالم ؟ فرد عليه السلطان عبد العزيز على الفور : إنها الدولة العثمانية و لما طلب منه الإمبراطور الدليل على ذلك قال له السلطان : لأنكم أنتم الأجانب تعملون على هدمها من الخارج أما نحن العثمانيين فنعمل على هدمها من الداخل و مع ذلك فهي مازالت صامدة قائمة حتى الآن ...ألا يدل ذلك على قوتها و عظمتها ؟!!

و عندما تولى السلطان عبد الحميد رحمه الله السلطنة عام 1876 م و حاول قتل جرثومة العلمانية و الماسونية و القومية كان الوقت قد فات و كان سرطان التغريب قد أستفحل أمره في أهم إقليمين في الدولة , تركيا و مصر .

في مذكرات السلطان عبد الحميد وردت فقرات بالغة الأهمية عن الحركات العلمانية و القومية و الماسونية و مدى تمكنها من جسم الدولة المريضة نورد أهمها :

ـ فقرة تخص مدحت باشا الذي يمجده العلمانيون:

" .... ولم اكن اتصور انه عميل للانجليز ، والا لما كانت استدعيته واعينه والياً على سوريا ثم ارسلته بعد ذلك الى ازمير .

لم استطع ان افهم كيف سادت رغبة اسقاطي من فوق عرشي ، وتنصيب اخي مراد مرة اخرى ، هل لان اخي السلطان مراد كان مثله ماسونياً ، أم لان التفكير افضى به الى انه من السهل عليه ان يضغط على أخي مراد ويجعله ينفذ كل شيء ، حتى الان لا استطيع تقدير هذا .

لا بد للتاريخ يوماً ان يفصح عن ماهية الذين سموا انفسهم ( الاتراك الشبان ) ، او ( تركيا الفتاة ) وعن ماسونيتهم ، استطعت ان اعرف من تحقيقاتي ان كلهم تقريباً من الماسون وانهم منتسبون الى المحفل الماسوني الانجليزي ، وكانوا يتلقون معونة مادية من هذا المحفل ، ولابد للتاريخ ان يفصح عن هذه المعونات وهل كانت معونات انسانية أم سياسية . "



ـ في فقرة أخرى من رسالته إلى الشيخ محمود أبو الشامات :

" ان هؤلاء الاتحاديين قد اصروا علي بان اصادق على تأسيس وطن قومي لليهود في الارض المقدسة " فلسطين " ورغم اصرارهم فلم اقبل بصورة قطعية هذا التكليف " .



ـ و يقول في أهم فقرة في مذكراته فاضحاً رجال صورهم علمانيونا و شيوخنا بصورة المصلحين :

" وقعت في يدي خطة اعدها في وزارة الخارجية الانجليزية كل من مهرج اسمه جمال الدين الافغاني وانجليزي يدعي بلند ، قالا فيها باقصاء الخلافة عن الاتراك ، واقترحا على الانجليزي اعلان الشريف حسين امير مكة خليفة على المسلمين .

كنت اعرف جمال الدين الافغاني عن قرب ، كان في مصر ، وكان رجلاً خطراً اقترح علي ذات مرة ـ وهو يدعي المهدية ـ ان يثير جميع مسلمي آسيا الوسطى ، وكنت اعرف انه غير قادر على هذا ، وكان رجل الانجليز ، ومن المحتمل جداً ان يكون الانجليز قد اعدوا هذا الرجل لإختباري ، رفضت فوراً ، فاتحد مع بلند .

استدعيته الى استانبول عن طريق ابي الهدى الصيادي الحلبي ، الذي كان يلقي الاحترام في كل البلاد العربية ، قام بالتوسط في هذا كل من منيف باشا ، حلمي الافغاني القديم ، وعبد الحق حامد ، جاء الى استانبول ولم اسمح له مرة اخرى بالخروج منها "

هكذا كانت مؤامرة الغرب تجري ضد المسلمين , كانت تلك الفترة من أشد فترات التاريخ سوداوية , فعجلة المؤامرة كانت تدور بعنف و كان تيار التغريب الجارف يكتسح العقول بقوة و كانت الدمي التي تحركها الأصابع الخفية تلعب دورها المنوط بها لهدم ما تبقى من كيان مهترئ للخلافة و بالإضافة لهؤلاء كانت قوافل الجواسيس الأوروبيين تطوف في جميع أركان العالم الإسلامي طوال القرن 19 تمهد الطريق لحملات الإستعمار الحديث و لعل أبرز هؤلاء الجواسيس كان المجري أرمينيوس فامبيري .

كان أرمينيوس فامبيري من أشد الجواسيس دهاء ومكرا و قد هاجر إلى القسطنطينية دار الخلافة و هو في العشرين من عمره حيث عمل مدرسا هناك و تعلم عشرين لغة من لغات الشرق و كان معنيا بشكل خاص باللغات التركية و التترية مما دعاه الأمر إلى أن يزور بلاد تركستان فذهب إلى طهران حيث قضى ثمانية أشهر في السفارة التركية حتى قدر له أن ينضم إلى قافلة حجيج تركستانية كانت عائدة من مكة العظمى حفظها الله و قد أدهش الحجاج بشدة تقواه و إلمامه بقواعد الإسلام !!!

كان هذا الجاسوس القذر المنافق يظهر الإسلام و يبطن الكفر المحض مثل حكامنا المرتدين في هذا الزمان .. و من طهران خرج المنافق معتما بعمامة درويش و متخذا إسم رشيد أفندي فأنطلق مع قافلة الحجيج في رحلة مثيرة إلى كاراتيب على بحر قزوين . ثم أجتاز البحر معهم في قارب صغير نحو مستوطنة تركمانية تدعى " جومش – تيب " .

من هنا تقدمت القافلة إلى أتريك عبر المراعي و المستنقعات التي تحيط ببحر قزوين و أنضمت إلى قافلة أخرى من تجار الأبل كان قائدها منذ اللحظة الأولى يبدي شكوكه في أمر فامبيري و زيه الصوفي … دخلت القافلة منطقة الرمال السوداء و بدأت رحلتها عبر قره قورم إلى خيوه مسترشدة بالشمس نهارا و بالنجم القطبي ليلا و قد عانى فامبيري عذابا قاسيا بسبب قلة الماء و القيظ الهائل (وياليته هلك ليريح المسلمين من شره ) و كاد أن يعدم بتهمة التجسس و لكن يبدو أن نفاقه قد أنقذه من موت محقق .

أخيرا وصلت القافلة إلى سلسلة البلقان الصغرى . فدخلوا عبر إمتدادها الشرقي . ..صحراء واسعة أشد هولا من سابقتها . و في الجزء التالى كانت الرحلة قد وصلت إلى إقليم ماوراء النهر و مرت في بلاد يكثر فيها قطاع الطرق و تعرضوا لعطش عظيم و تم إنقاذهم على يد مجموعة من الرعاة .

بعد ذلك وصلوا إلى أراضي بخارى الخضراء و منها إلى سمرقند …. ثم أنفصل فامبيري عن القافلة متجها نحو أفغانستان بأمر فيما يبدو من الحكومة البريطانية و سار إلى هرات واثقا من قدرة زيه الصوفي على حمايته من كل مكروه . و قد عاش تجربته الأولى فورا في بلاط ملك أفغانستان الذي لم يتجاوز السادسة عشر من عمره ... عندما نهض الملك من كرسيه و أشار إليه بإصبعه قائلا :

" أقسم بالله إنك إنجليزي !!!" وأجابه المنافق بدون أن يطرف له جفن قائلا :

" وقع القضاء يا مولاي !! أنت تعرف الحديث القائل بأن من كفر مؤمنا – و لو مزاحا – حشره الله مع الكفار ..أعطني يا مولاي شيئا لله كي أتمكن من إتمام سيري و دعني أسبغ عليك البركات "

و في نوفمبر 1863 م عاد الجاسوس المنافق إلى طهران حيث سلم المعلومات إلى السفير البريطاني هناك ثم غادر المنطقة إلى القسطنطينية و بودابست . ( أطلس الرحلات )

ثم أصبح هذا الكافر و معه ديفيدز و كاهون من رواد الحركة القومية الطورانية التي دمرت الدولة العثمانية و أنهت وجودها , و لقد كانت أفكار القومية في بادئ الأمر غريبة كل الغرابة بين مسلمي الأناضول حتى أن روم الأناضول عندما يتم سؤالهم عن قوميتهم أو جنسيتهم كان يقول أحدهم أنه مسلم و لا يعرف غير هذه الكلمة .

هكذا تم تصنيع رموز مزيفة لكي تصبح قدوة الأمة التى هزمت في ميدان المعركة فكرياً و عسكرياً , الأفغاني و محمد عبده و سعد زغلول و هدى شعراوي و غيرهم كثير من رواد ما تسمى بالنهضة و ماكانت سوى نكسة دفعنا ثمنها غالياً , و لعل من أشهر الأدلة على قيام مثقفينا بتزوير التاريخ هي حكاية ميدان التحرير في مصر و سبب تسميته بذلك , فلن يجرؤ أحدهم على ذكر القصة الحقيقية لهذه التسمية , فهل سيقولون أن هدى شعراوي قد نزعت حجابها هناك و داسته بأقدامها مع ثلة من أقرانها بمباركة زعيم الأمة !!!! سعد زغلول و منذ ذلك الوقت سمي بميدان التحرير .

أم سيقولون أن أول من نادى بالتعليم المختلط هو لطفي السيد و أيده في ذلك عميدهم طه حسين و فرضوا ذلك على الجامعات و قد كتب عنهم آنذاك مصطفى صادق الرافعي رحمه الله ( شيطان و شيطانة ) .

أو ليقل لنا مشائخ الوسطية عن تفسيرات الشيخ محمد عبده الشهيرة التي ذاعت و أنتشرت و محاولتهم التستر عليها و لعل أشهرها :

تأويل الملائكة بالقوى الطبيعية , تأويل الجن بالميكروب , و سجود الملائكة لآدم بتسخير قوى الطبيعة للإنسان و غيرها من القوارع حتى أن شيخ الأزهر آنذاك عليش رحمه الله قام بتكفيره .

أو قول كرومر الشهير : أنه مادام لبريطانيا العظمى نفوذ في مصر فإن الشيخ محمد عبده يكون هو المفتي حتى يموت .

و لنا أن نستنتج حقيقة هذا الشيخ الذي تفرضه بريطانيا بالقوة على مصر إن لم تكن متأكدة من دوره في المجتمع الإسلامي .

أما رموزنا الجديدة فيكفي أن نضرب مثالا واحد فقط :

و هو : نجيب محفوظ عملاق الأدب كما يوصف و ما هي حقيقة عقيدته و لتعلم أخي المؤمن أن هؤلاء المنافقين مهما أستتروا عنا فإن كتاباتهم تفضحهم أحيانا و سنأخذ أنموذجا من روايته ( حكايات حارتنا ـ التي تعتبر نسخة معدلة من أولاد حارتنا المصادرة ) .

في الحكاية رقم 73 : يصف الشخصية الرئيسية فيها ( مصطفى الدهشوري ) بأنه من القلة القليلة الراسخة في العلم في الحارة و يتطرق إلى محادثة جرت بين الأب و هذا الدهشوري :

" ....... فيحدثه أبي عن التلقين و حساب الملكين و مستقر الروح و شفاعة النجاة في الآخرة و عند ذلك يقول الدهشوري : اليك قصة الجسد البشري ساعة بساعة من الوفاة حتى يستحيل هيكلا عظمياً . ...الخ "

حتى يصل الحديث إلى القمة عندما يسأله الأب : الا تؤمن بالله ؟

فيبتسم قائلاً : بلى لا حيلة لي في ذلك . و يستمر الحديث الطويل الخبيث حتى الصفحة 169 حيث يشرح الدهشوري فكرته في تلك الفقرة الطويلة المهمة التى من الممكن أن يرجع إليها القارئ في الرواية .و ليس هذا فقط بل إنه يرمز لله بشيخ التكية الذي رآه الراوي عندما كان طفلا ( تشبيه للعقل البشري في مراحله الأولى بحسب زعمه عندما كان بحاجة إلى قوى فوق طبيعية يستند إليها ) ليختفي بعدها الشيخ طوال الرواية حتى يصل في نهايتها إلى تشكيك القارئ نفسه في صحة وجود ذلك الشيخ مع نضج شخصية القصة الرئيسية .

و قد واصلت هذه النخبة طريقها نحو هدفها المرسوم لها , تهدم عقائد المسلمين و تزيف التاريخ علناً ووصلت هجمتهم إلى ذروتها في أزمة الوليمة عندما ظنوا أن الأمة ماتت فنشروا الكفر بواحاً , لكنهم فوجئوا بصوت صارخ في البرية يهتف بـ ( لا اله إلا الله : من يبايعني على الموت ؟ ) تسبب بثورة ضخمة لم تكن في حسبانهم أسفرت عن نصر مبين للتيار الإسلامي رغم إغلاق جريدة الشعب و سحق عظام طلبة الأزهر الذين أستبيحت حرمتهم داخل جامعتهم .

لقد تعرض العالم الإسلامي لحملات إبادة ضخمة عبر التاريخ بدأت في القرن السادس عشر عندما أنفتحت للأوروبيون ثغرتان كانتا السبب الرئيسي في سيطرتهم المخيفة على العالم في هذا العصر .

الثغرة الأولى : و هي الكشوف العلمية التى بدأت عجلتها تدار سريعاً إبتداءاً من القرن 18 م , و التي أعطت للأوربيين أسلحة فتاكة مكنتهم من هزيمة أعدائهم بشئ من السهولة , لقد كانت أشبه بالنار التى أعطاها بروميثيوس للبشر في الأساطير الوثنية اليونانية , بل إن هذه الكشوف العلمية جرأت الأوربيين أكثر حتى أعتنقوا مبدأ بروميثيوس رسمياً و صرحوا بنفس مقولته الشهيرة ( إنني أكره جميع الألهة !!! ) .

الثغرة الثانية المهمة و هي التي أنجبت الأولى : هي ثغرة المحيط التى أقتحمها رواد الكشوف الجغرافية الأوائل و التى مكنت الأوروبيون من الإستيلاء على قارات بكر بأسلحتهم الفتاكة التى طورها الصراع الرهيب بين مسلمي الأندلس و الدول النصرانية في حوض البحر الأبيض المتوسط , و بين عامي 1492 م – 1770 م تمت إبادة شعوب قارات بأكملها و تم تدمير خط التجارة الإسلامي الرئيسي في المحيط الهندي بواسطة البرتغاليين الذين أستعملوا سلاحاً لم يره مسلمو تلك المناطق من قبل ( المدفع ) و بواسطته دمرت كافة موانئ شرق إفريقيا المسلمة فيما تكفلت قوافل المهاجرين من إنجلترا و ايرلندا بإبادة شعوب أمريكا الشمالية و لولا ظهور مدافع العثمانيين في عدن لتمت إبادتنا .

هكذا بنى الأوروبيون حضارتهم من موارد طبيعية لا تنضب في نصف العالم الجديد , هكذا أستقروا هناك بعيدا خلف بحر الظلمات ليبنوا على مهلهم حضارة عتيدة تنظر إلى العالم بإزدراء و إلى العدو الإسلامي التقليدي بسخرية .

و هكذا بدأت حملات الإبادة بداية من سقوط غرناطة ثم إبادة المسلمين في الأندلس طوال 150 سنة تقريبا قتل فيها قرابة 25 مليون مسلم ثم تدمير مدن شرق إفريقيا الثرية التي وصف ابن بطوطه سكانها بضخام الأجساد في القرن 14 م ( و كم ستنتابه الصدمة الآن ـ لو بعث من قبره ـ من حال الصومال مثلا ) و بعدها بغزو جزر إندونيسيا و الملايو و نهايةً بحروب العثمانيين في البلقان و هي حروب لا تحصي و لا تعد قتل فيها ملايين المسلمين من الجنود و المدنيين و يكفى أنه في كل حرب كان القتلى من المسلمين في الحد الأدنى يقدر بـ 200 ألف بين جندي و مدني و إنى أقسم أنه لولا نسبة الولادة المرتفعة في العالم الإسلامي لما أستطاعت الدولة العثمانية الصمود طوال 200 سنة فلقد كانت تهزم في كل حرب تخوضها .

و لعل هذا هو ما لفت إنتباه الكاتب صمويل هنتجتون في مقاله ( زمن حروب المسلمين ) و كم كان مصيبا في ذلك المقال رغم محاولة أحد المفكرين و هو فهمي هويدي الرد عليه و لكن شتان بين الثرى و الثريا فالأوروبيون ما وصلوا إلى كل هذا التقدم و القوة إلا بعمق دراساتهم و جديتها و عدم لي عنق الحقائق كما يفعل جل المفكرون عندنا المصابون بعقدة الإستخذاء و الهزيمة أمام الغرب حتى أن أحد أبرز رموز الإسلام في الولايات المتحدة أنكر في مواجهة معه في القنوات الأمريكية بعد أحداث سبتمبر أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قد تزوج بالسيدة عائشة و عمرها 9 سنوات !!!

إن المسئلة تكمن في هزيمة معظم مفكرينا و مشائخنا الآن نفسياً أمام الغرب فكانت مرحلة الدفاع قبل سبتمبر ثم جاءت مرحلة أخرى و هي مرحلة التنازلات بعد سبتمبر و قد أفتتحها رسمياً الشيخ القرضاوي و هويدي و العوا بتوقيعهم على الفتوى الشهيرة التي تبيح للمنتسبين للإسلام في الجيش الأمريكي قتل المسلمين في أفغانستان , ثم مرحلة إدانة غزوتي سبتمبر و تجريم الشيخ أسامة بن لادن رضي الله عنه و شهداء الغزوة , بل وصلت إلى إنكار بعض أحداث تاريخ الإسلام الأولى كما فعل الشيخ القرضاوي في برنامج الشريعة و الحياة أثر مداخلة لأحد نصارى العرب قام فيه بالتهجم على سيف لله المسلول خالد بن الوليد رضي الله عنه ووصفه بالمجرم و سفاك الدماء ( مستشهداً في ذلك بمعركة أليس التي حدثت في العراق ) .

و إذا أستمر الأمر على ما هو عليه سنصل إلى المرحلة التى تلغي فيها آيات الجهاد و القتال من القرآن و سيتم تجريم الفتوحات الإسلامية بأعتبارها مرحلة أستعمار إسلامي , بل سيتم تجريم النبي صلى الله عليه و سلم عندما ذبح يهود بني قريظة منفذاً أمر الله من فوق سابع سماء .

إلى أين تقودوننا يا مشائخ الوسطية ؟!!! و أنتم أيها المفكرون المعتدلون ؟؟

هل تظنون حقاً أنكم في نظر الغرب معتدلون !!؟؟

كلاااااااا , بل أنتم إرهابيون حتى و أنتم تقودون الأمة نحو المقصلة !! لن يرضوا عنكم حتى تكفروا مثلهم و تنبذوا كل الإسلام !!

أنتم الآن طلائع الإسلام الأمريكي و أنتم الذين تنفذون مخططاتهم دون أن تشعروا , التنازل تلو التنازل !! و الأمة تباد و تذبح .

أين كنتم عندما بدأت مذابح البوسنة ؟!! كتابة المقالات لا تكفي يا سادتي الكرام و لا إصدار الكتب و لا تزيين الكلام .. ذبح ربع مليون مسلم في 3 سنوات على مرأي و مسمع منكم فمن كلف نفسه للذهاب إلى هناك ؟ لا أحد .

لم يذهب للقتال سوى الإرهابيون المطاردون الآن !! هؤلاء الذين تشنعون عليهم و تصمونهم بأحط الصفات مثل المتطرفون و الخوارج و المتهورون .

لماذا تخاطبون بوش و بلير و البابا بولس باللين و اللطف فإذا كان المخاطب هو الشيخ بن لادن أنقلبت ألسنتكم و أقلامكم إلى خناجر مسمومة .

لننظر إلى أحدهم و هو د . مصطفى محمود في مقالته ( دعوة إلى الحوار ) في جريدة الأهرام و المؤرخة ( 26 – أكتوبر – 2002 م ) و كيف كان رقيقاً و هو يخاطب بوش , بل و ذيل الرسالة بالعبارة التالية (مع كل تمنيات مواطن مصري يكن لأمريكا كل الحب والإعزاز أخوكم‏..‏ مصطفي محمود ) أنظروا ياأهل العقل و الإسلام !! الحب و الإعتزاز للمجرمين الذين قتلوا في 25 سنة قرابة 10 مليون مسلم !!! و عندما يتحدث عن بن لادن فينقلب على العكس تماما فهو المغامر و بن لادن و عصابته و يمتلئ المقال بالنظرة الفوقية المزدرية لهؤلاء الحفاة العراة الذين يختبئون في الكهوف في جبال الهندوكش !!

و قد قرأنا كلنا كتاب ( طالبان : جند الله في المعركة الغلط !! ) لهويدي و رأينا نظرته الفوقية للطالبان و إزدرائه لهم و قد أراد أن يؤثر علينا لننبذ نحن أيضاً طالبان و لكني أقول له أن العكس هو الذي حدث فو الذي نفسي بيده لقد رأيت كل من قرأ الكتاب يتحسر على هؤلاء البسطاء المخلصين الذين لا يتميز فيهم الوزير عن الفراش و العامل البسيط .

و قرأنا رسالة الشيخ سفر الحوالى إلى بوش و رأينا ما تحويه من مهانة لا يليق بمسلم أن يتعامل بها مع الكفار و نسي قول الله أن هؤلاء الكفار لا يزالون يقاتلوننا حتى يردونا عن ديننا إن أستطاعوا .

و رأينا رسالة المثقفين الأمريكيين ( على أي أساس نقاتل ؟ ) فماذا قال مثقفونا السعوديون !!! ( على أي أساس نتعايش ؟ ) أنظروا إلى كم الذل و المهانة و قد أحسن الشيخ ناصر بن حمد الفهد في الرد عليهم في كتابه القيم ( التنكيل بما في بيان المثقفين من أباطيل ) .

ما الذي يحدث بالضبط ؟!!

أبلغ منا الغباء هذا المبلغ ؟

أم أن أرواح هؤلاء المتخاذلين قد وقعت تحت نير الإستعباد .

إستعباد من نوع جديد !!! فيه تدافع الضحية عن قاتلها , تدافع عن مغتصبها و تتمنى له كل الحب و الإزدهار ليستمر في إنتهاك جسدها أكثر و أكثر .

كيف أنقلبت الموازين بهذا الشكل المريع ؟

كيف أصبح الأمين خائناً ؟

كيف أصبح السارق شريفا ؟

كيف يصبح المرء مؤمناً و يمسي كافراً بنفس سرعة صعود و هبوط بورصة الأوراق المالية ؟

كيف يصبح أحمد الحزنوي الغامدي مجرماً ؟

و يصبح بوش أخاً و صديقاً ؟

بلا ريب إنها من عجائب الدنيا التى لا تظهر إلا في أرض العجائب السبع الغابرة !!

نحن فقط من نأتى بكل جديد .

نحن من شيدنا حدائق بابل المعلقة و أهرامات الجيزة و إيوان كسري و مدن فينيقيا و حضارة أطلنتس في كريت .

و نحن من سنصنع الأعجوبة الثامنة التى ستبز كل أعجوبة أخرى .

أعجوبة لم يشهد لها التاريخ مثيلاً ...

نحن من سنهدم ديننا حجراً حجراً

نحن من سيهدم الإسلام .


منصور حلب

Wednesday, August 31, 2005

الرس ... والعشاق الجدد !!


لله درُّ المجاهدين ... ليس لقلوبهم ارتباطٌ طينيٌّ ... إلاّ بدافع دينيّ ...

فأرضهم كلّ أرضٍ ترضى بدمائهم شراباً لها ...

فإن أعجبتها دماؤهم ... ارتضوها أرضَ مقام ... وهاموا في حبها أيّ هيام ...

والعجيب أنّ حبّهم لا يستمرّ طويلاً ... بل سريعاً ما يقيمون أعراسهم على أرض المهجر الجديد ...

كلّما (عزّل) سوق ... شدّوا رحالهم لسوقٍ جديدة ... ليعرضوا سلعتهم التي لا يملكون غيرها ... أرواحهم الطاهرة ...

وهاهي( الأسواق) الكبيرة تعلن عن عدم استقبالها الأفواج الجديدة من العشّاق ... إمّا لاكتفاءٍ بعشّاقها ... أو لارتوائها من دماء السّابقين ...

فتحتقن بدمائِهم الزكيّة أجسادُهم الفتيّة ...

ويبحثون ... ؟!

لعبتهم خطيرة ... ولكنّها مسلية ...
أحلامهم كثيرة ... وإمكاناتهم كبيرة ...

يصنعون الأحداث ... وغيرهم يتكلّم عنها ... ويحللها ...

أما هم فلا يدرون كيف يفكّر هؤلاء المحللون (المعقّدون ؟!)

فالمسألة أبسط بكثيرٍ مما يظنون !!

لعلّ المجاطي ورفاقه لا يفقهون معنى الإمبريالية ، والراديكاليّة ، ولا تلك الكلمات المعقدة التي يستعملها من يتكلّم عنهم ؟!

ولكنهم يفقهون قول الله تعالى : { والذين قتلوا في سبيل الله فلن يضلّ أعمالهم ، سيهديهم ويصلح بالهم ، ويدخلهم الجنّة عرّفها لهم }

يدركون أنّ أمكنتهم في (الجحيم) شاغرة ... وأن كافراً يقتلونه سيملؤها !!

هذا فقط ما يعرفونه ...

وشيءٌ آخر يعرفونه أيضاً ... وهو أنّ القاعدين أغبياء ... ومتخلفون ... ومغفلون ... وأشياء أخرى ... حتى ولو كانوا مسجلين في نادي (هيئة كبار العلماء) ... لأن سورة (التوبة) التي هي أوّل مقرر يحفظونه تقول : { رضوا بأن يكونوا مع الخوالف ، وطبع على قلوبهم فهم لا يفقهون } ...

المهمّ ...

إنهم يتقبلون جميع الأفكار ... إلا فكرة : القعود ...

والسبب : أنّ العاشق يغار أن يرى العيناء تعانق إخوانه ... وتعرض عنه !

عجيبة هذه العيناء ؛ لا تعانق الأصحّاء ... ولا حتى الجرحى !!

فأوّل شرطٍ لتنال قبلها الحارّة أن تفارق روحك جسدك ... والشرط الثاني : أن يكون هذا في سبيل الله !

فتعتمل الغيرة في قلوبهم حتى إنهم ليقدمون على أمورٍ يعدها الناظر الذي لا يفكر من منظورهم : تهوّراً !!

والتهوّر : كلمة لا يعترف بها المجاهدون ... لأنها لم ترد في القرآن ... ولا في السنة ... ولأنهم أيضاً لا يظنونها عربيّة ... فأحدهم حاول مرّة أن يأتي بأصلها فقال : هَارَ ، يُهَرْهِرُ ، فهو هارب !! وما احلى هروبهم يا ناس ..

وسبحانه ... وبحمده ...

كلّما رأى شوقهم للعيناء ... أقام حرباً مستعرةً ... ليشتمّوا أريج محبوبتهم منها ... فيحدون المطايا إلى بلاد الأفراح بحثاً عن رصاصة الرّحمة ، وقذيفة الخلاص !

تشيعهم حين يخرجون : عيون الرّقباء ... وألسنة الطاعنين ... وغضب الأهل ... واستخفاف الأقارب والمعارف ...

ولكنهم لا يلتفتون ... فالعيناء هناك ... سوف تستقبلهم بزغردة الفرح ... وأغاني القدوم ...

لله درّهم ... يصبغون الأرض التي تطؤها أقدامهم بصبغتهم الخاصّة دائماً ... فهل تُرى في أفغانستان وادٍ أو سهل لم يطرب لهم وهم يرددون :

في سبيل الله نمضي ... نبتغي رفع اللواء

وهل مرت على أودية أوربا ليالٍ هي أعذب من تلك التي كان يسمر فيها مع غرباء (البوسنة) ينشدون :

يالله على بابك ... يا كريم ... يا كريم ...
ما خاب طلابك ... ياكريم ... يا كريم ...
كله على شانك ... يا كريم ... يا كريم ...

عالمهم خاصٌّ جداً ... له فعل المخدّر في أجساد المدمنين ... لا يستطيع داخله أن يودّعه ليعود إنساناً عاديّا منخرطاً في (المجتمعات الجاهليّة) !!

أحدهم رأيته ... بعد أن (عزّل) سوقٌ ... حزيناً ... كئيباً ... يظنّ أنّ بضاعته ردّت !

لله ... ما أقسى الشّعور ؟

قلت له : هل في شكّ أنت من قول حبيبك (صلّى الله عليه وسلّم) : (( الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة )) .

تالله لن يوقف الجهاد سقوط الإمارة ، ولا اكتفاء الشيشانيين بمن عندهم من العرب ، ولا ما أشبه تلك العوائق ؟

والله لن يتعطل الجهاد بالتّضييق على الموحّدين ... ومطاردتهم ... ومليء السجون بالأخيار منهم ...

فوالله إنّ بعد (أفغانستان) (طاجيكستان) وبعد هذه (بوسنة) وبعدها (شيشان) وبعدها العراق وبعد (العراق) : الرس ؟

هبت ...
هبوب الجنة ...

سر آخر من أسرار القاعدة .. !!

الإرهابيون ... لا يعرفون الهروب بالمعنى التقليدي ...

فالهارب ... يهرب ليَسْلم ...

أمّا الإرهابيون ... فيهربون ... ليتمكنوا من حبك الميتة الأكثر رومانسيةً ...

إنهم (صُنّاع الموت) ...

يصنعونه صناعةً ... ويختارون أدواته ... ووقته المناسب ... ليكون موتاً فيه حياة ... أما غيرهم ... فموتهم (ميّت) ...

يموت الناس ... فتجد أخبار موتهم في الصفحة الأخيرة للجرائد اليوميّة ...

أما هم فأخبارهم في الأولى دائماً ...

هم يقررون ما سيكتب عنهم ...

ويحددون الصفات التي ستطلق عليهم بعد موتهم ...

الموت الإرادي ... هو ابتكارهم الجديد ... وهو أيضاً .. همهم الوحيد ...

سرّ آخر من أسرار تنظيم القاعدة :

التعليمات الموجّهة من القيادات للخلايا (اليقظة ) :

لا مجال للأسر الإختياري ... فالهرب .. الهرب ..

إذا أحاط بك ال ك لا ب .. فقاتل ..

وإن طاردوك .. فاهرب هروب المقاتل ...

هروب الذي ينظر في مكامن ضعف خصمه الذي يركض خلفه !!

حتى إذا رأى نقطةَ ضعفٍ فيه ... انقض عليها لينهي الفلم نهايةً سعيدة ؟!

الهارب (عبدالعزيز المقرن) ... مثالٌ حيٌّ لما نقول ..

فهو أكبر مهاجمٍ للكفار في (المملكة ) ... ولكن صفته الرسمية (هارب).!

والهارب (يوسف العييري ) ... مدرسة في الهجوم ... ولكنه مات (هارباً ) !

لله درّ هؤلاء الهاربين ..

ما زالوا يمارسون هواياتهم في تغيير المفاهيم ... حتى غيروا مفهوم الهرب ... ليصبح الهارب الإرهابيّ أكبر خطرٍ يواجه الطواغيت ...

بل إن الهارب منهم أخطر من الظاهر الموجود ...

ذلك أن الطواغيت يدركون ... أنّ أصحاب الهارب الكبير : (أسامة بن لادن ) ... تعلموا من أستاذهم أنّ كل متحركين سيلتقيان ...

وأن لسان حال ذاك الهارب يقول لأتباعه : على كل الهاربين أن يبادروا باللقاء .. بل وأن يصنعوه صناعةً ...

كم أحبكم أيها الهاربون من (السفالة ) ... المسماة بالعدالة !

أحبكم أيها الهاربون من (النذالة ) ... المسماة بالعدالة !

آخر طقوس الهاربين ...

طقس يسمى (الصدمة والتشخيط ) ...

وهو يعتمد على تصوير الهرب ...

إي والله ... تصويره ؟!

هل رأيتم هارباً يصور نفسه وهو يهرب ... ويبعث بالصور إلى مطارديه ...

ويبتسم !!

أما أنا ... فأشهد أني رأيته بعيني ...

الهارب الأول ... أبو عبد الله ... وتوأمه : الظواهري ... يوثقان هروبهما للعالم ...

ويستفزّانه بكل جبروته وعتوهِ ...


.
.
.

لا أدري لم يأخذني أبو عبد الله كثيراً ليبعدني عن صلب الموضوع ؟!

ربما لأنه ... هو صلب الموضوع ؟!

.
المهم :

فالسياسة الجديدة للتنظيم ... تعتمد على استعمال الهاربين كمهاجمين ...

ألم أقل لكم : تغيير مفاهيم ...

المعركة الآن : بين جيشين ... أحدهما هااااارب بكامله ... والآخر : سيهرب حتماً ... لأن قتال الهاربين عسير ...

.
.
.

فالشرط الأول لتنضمّ إلى جروب الهاربين النظاميين.... أن تدفع المهر !!

Saturday, August 13, 2005

الشيخ نشأت

بقلم د. محمد عباس


لا أعرف عنه سوي اسمه، أعرف أيضا بعضا من رسمه حين كنت أراه عبر آلاف الرؤوس.

أما البداية فقد كانت منذ عشرة أعوام، وفي فندق ماريوت بالقاهرة. كنت في الفندق لشِأن من شئوني، وحان وقت صلاة الجمعة، وبدأت البحث عن مسجد الفندق، لكنه كان واسعا جدا فتهت في دروبه. قيل لي أن مساحة الفندق عشرات الأفدنة، و كنت أسرع الخطو، و أذناي تتعقب صوت خطيب الجمعة، وتذكرت واقعة فساد صاخبة، حين نشرت الأهرام أيامها – وهي من صحف النظام- أن أرض فندق ماريوت تساوى 900 مليون جنيه وتم التقييم ب 700 ألف جنيه فقط ." و أتذكر كيف لم أصدق في البداية نفسي، فرحت أعيد قراءة الخبر مرة بعد مرة:

كتب محمد سلامة: طلب بنك الاستثمار القومي بضرورة الالتزام بالتقييم الاقتصادى وفقا لأسعار السوق الحالية وذلك عند إعادة تقييم أصول شركات قطاع الأعمال العام (…) كذلك تم تقييم مساحة فندق ماريوت بالقاهرة والتى تتجاوز 14 فدانا بمقيمة إجمالية705 ألف جنيه مع أن سعر المتر المربع بهذه المنطقة لا يقل حاليا عن 15 ألف جنيه لتصل قيمة مساحة أرض الفندق فقط دون المنشأت إلى 900 مليون جنيه ، اى ما يعادل 1200 ضعف السعر المقرر لها."

ورحت أذكر كيف أن الأهرام واصلت الحملة، لتزيد من الرقم الذي تساويه أرض الفندق إلي مليار جنيه .. ولم يعقب أي أحد.

ويومها، منذ عشرة أعوام، لم أكن أعرف أن الـ14 فدانا مساحة هائلة هكذا خاصة عندما تكون مشغولة بالمباني والمنشآت.

عندما اهتديت أخيرا إلي المسجد كان الإمام قد فرغ من الصلاة. أصابني ألم حاد لفوات صلاة الجمعة، هرعت إلي خارج الفندق باحثا عن مساجد حوله متتبعا أذني اللتين راحتا تسترقان السمع إلي صوت خطيب، فكلما وصلت إلي مسجد وجدتهم يفرغون لتوهم من الصلاة. وازداد ألمي، ورحت أقرع نفسي، لماذا لم أذهب إلي المسجد مبكرا، صحيح أن خطبة الجمعة تمثل بالنسبة لي كل أسبوع محنة، ذلك أن جهود الدولة في تجفيف المنابع – علي عكس كل جهودها الأخري – قد نجحت أيما نجاح، طاردت الدولة كل خطيب مفوه عالم وتركت من يستطيع أن ينفر لا أن يبشر، وكان لجوء فقهاء السلطان إلي نفاق السلطان يضنيني، وكان لجوؤهم إلي الأحاديث الموضوعة و أخطاؤهم الفادحة في اللغة تخرجني من الجو الروحي للصلاة، وصرفني كل ذلك عن الذهاب إلي المسجد مبكرا. كنت أبرر لنفسي وزري في عدم صلاة الجمعة، وكنت أعلم بالطبع الرخصة التي ينحنيها الدين بصلاة الظهر، لكن للجمعة معزة في قلبي، و أدركت أنني سأظل طيلة الأسبوع حزينا ما لم أدركها.

وتذكرت مسجدا في شارع رمسيس – عرفت بعد ذلك أن اسمه مسجد التوحيد- ، وكنت في أيام الجمعة أؤدي صلاتي ثم أقضي شئوني ، و أثناء عودتي أجد أن خطيبه ما يزال يخطب ، وكنت بالطبع حريصا علي عدم الصلاة فيه، أنا الذي لا أطيق خطيب المسجد ربع ساعة فكيف أحتمله ساعتين و أحيانا ثلاث ساعات. وأتذكر في كل مرة كنت أمر فيها علي المسجد أنني كنت أدهش لعدد المصلين، قيل لي فيما بعد أن عدد المصلين في المسجد يصل أيام الجمعة إلي عشرين أو ثلاثين ألفا، وإن كنت أحسبهم أكثر من خمسين ألفا. كان شارع رمسيس رغم اتساعة يضيق بمن يصلون خارج المسجد علي امتداد أكثر من كيلومتر.

تذكرت كل ذلك فكنت كالغريق الذي يفاجأ بقارب إلي جواره، هرعت إلي سيارتي، وتوجهت إلي مسجد التوحيد، ووجدت أن خطيب المسجد لم ينته من الخطبة الأولي بعد. غمرني الفرح، وجلست وسط المصلين في الشارع. لاحظت قوة ضخمة من الأمن تحيط بالمسجد وتتخلل المصلين. ثلاثة لواءات و أكثر من عشرة عمداء ومئات الجنود وسبع سيارات ضخمة من سيارات الأمن المركزي.

جذبني الخطيب بصوته وانفعاله وعلمه ومنهجه.

لم أعرف إلا بعد ذلك أن اسمه : " الشيخ نشأت".

وكانت تجربة روحية لا أنساها أبدا.

وبدأ الرجل يسيطر عليّ شيئا فشيئا.

لقد أكرمني الله بالصلاة في المسجد الحرام والمسجد النبوي، لكن منهج هذا الرجل يختلف عن منهج أي خطيب آخر.. إذ أنه لم يفصل الدين عن الدولة.. علم غزير بالدين.. ومعرفة واسعة بالسياسة.. وربط عبقري بينهما.. ووجدان متأجج.

رحت أرقب المصلين في ذهول وقد تنامت إلي أذني همهمات بكائهم. ثم تحولت الهمهمات إلي نشيج والنشيج إلي نحيب.. بل راح البعض يصرخ.

لم أكن قد برئت تماما من ضلالات الفكر الغربي والتسلح بما يسمونه الموضوعية، كنت قد بدأت الطريق قبلها بربع قرن، لكنني ضللته طويلا في محاولة التوفيق بين الإسلام ودعاوي الآخرين، توفيق لم أكتشف إلا أخيرا أنه مستحيل. لأنني نواجههم بنصاعة الإسلام وصدقه بينما يواجهوننا بغوايات الشيطان وكذبه، بل لعل الصورة لم تنجل أمامي بكاملها إلا بعد أزمة الوليمة، حين اكتشفت كم تجذر الإلحاد في النخبة، وكيف خدعونا دائما بأنهم يتبنون الإسلام المستنير، كانوا يبطنون الكفر ويظهرون الإسلام وكنا ننخدع بهم ونصدقهم ونحاول مد الجسور بيننا وبينهم. أقول أنني لم أكن قد برئت تماما، تحدوني تلك النية الطيبة الساذجة في جمع شمل المسلمين دون أن أفطن إلي أن الجانب الآخر لم يكن مسلما. كان الشيخ نشأت يعالج تلك الأمر. وحاولت أن أقاومه. كنت كصخرة وكان كسيل، وحاولت الصخرة أن تثبت مكانها فلم تلبث إلا قليلا. وفي محاولة التشبث تلك ، والرجل يغزوني فتنهار مقاومتي أمامه قلت لنفسي أن به طاقة غريبة و أنه يبدو كما لو كان ينوم جمهور المصلين تنويما مغناطيسيا. وآليت علي نفسي أن أقاوم تنويمه المغناطيسي كي يتسني لي بحث الأمر بفكر موضوعي.

نعود إلي الشيخ نشأت..

أي علم هذا..

أي انفعال هذا..

أي وعي هذا..

إن الرجل يتحدث عن الدنيا والآخرة.. عن الدين والسياسة.. يذكر مقتطفات طويلة من من فلاسفة الغرب ويرد عليها.. يعلم الناس ماذا يقول الدين في حكامهم.. يربط تفاصيل الدنيا بالآخرة.. يدعو إلي الزهد في الفاني والتعلق بالباقى.. لكن الزهد الذي يدعو إليه ليس زهد انصراف ولا زهد تواكل.. إنما هو الزهد عن المغريات والتفرغ لجلائل الأعمال فقد خلقنا الله في الدنيا لكي نعمرها لا لكي ننصرف عنها.. و أن التفوق والسبق في كل مجالات الحياة فرض علي المسلم يأثم إن لم يفعله.. ليس مجرد التفوق في العبادة بل التفوق في العلم والقوة في الزراعة و الصناعة والتجارة والصواريخ والقنابل النووية .. لكن المسلم وهو يفعل ذلك عليه أن يلتزم دائما بخلق الإسلام.

كان الرجل يختنق بالعبرات فيبكي خلفه خمسون ألفا..

وكان يبكي فيصرخ خمسون ألفا..

وكانت تغلبه الشهقات والزفرات فيكاد نفسه أن ينقطع.

في لحظة من اللحظات حين طال صمته بعد شهقة طويلة خشيت أن يكون قد مات.

وكنت ما زلت أحاول مقاومة سيطرة الرجل عليّ.. كنت أقاوم النشيج مع الناشجين والنحيب مع المنتحبين. و عندما أوشكت علي فقدان زمام السيطرة علي نفسي لجأت إلي حيلة أخري.. رحت أتذكر أشياء بعيدة عما يقوله الرجل.. وفشلت.. فرحت أرقب الشارع والسيارات التي لم يبق لها من الشارع إلا حارة ضيقة تسير فيها.. وفشلت.. فرحت أرقب رجال الأمن.. كان ثمة عميد شرطة يتجول بين المصلين فقد خطط الأمن مكان الصلاة بحيث توجد أماكن غير مفروشة يستطيع التجول فيها.. قلت لنفسي أن هذا العميد في أسوأ حال.. فعندما يتحدث الشيخ نشأت عن الطاغوت والجبروت والظلم والتعذيب والتزوير فكأنما يقصده هو.. ورحت أسأل نفسي: كيف يستطيع أن يتوازن؟.. وماذا يكتب في تقريره المباحثي. انتبهت فجأة إلي أمين الشرطة الذي يسير خلفه. كان الرجل يتقلص، وخطر ببالي أنه هو الآخر يقاوم البكاء. قلت لنفسي أن ضراوة هجمة الفساد والانحراف قد ركزت علي الفئات الأعلي من المجتمع، فكلما ارتفعت رتبة الرجل - أو منصبه أو جاهه أو ثراؤه- في المجتمع كلما ازداد فساده وانحرافه

وابتعاده عن الدين.. لقد شربوا أكثر من الماء الملوث.. وقلت لنفسي أنه بهذا المنوال فإن القيمة الإنسانية لأمين الشرطة أعلي من العميد.. نعم ثمة تناسب عكسي أفرزه نظام مختل.. رحت أرقبهما محاولا الانصراف عن تأثير الشيخ نشأت.. كان أمين الشرطة ممزقا بين خوفه من العميد الذي يسير أمامه وبين تأثره بكلام الشيخ نشأت.. وطفقت أتخيل ما يدور بذهنه من مظالم ارتكبها – بأوامر عميده – ومن فظائع اجتأ عليها ومن محارم انتهكها وهو يطيع الخلق في معصية الخالق. . ورحت أراهن نفسي: هل سيصمد الشيطان فيه أم سيخرق مع دفقات النور التي يسمعها.. وفجأة وجدته - أمين الشرطة - ينهار.. فيكبو علي الأرض ويصرخ وينبش التراب بأضافره ويحثوه علي وجهه.. ونظر العميد إليه في غضب وخوف وهو يلمحنا بطرف خفي ثم يهرب من المكان.

وانهارت مقاومتي فبكيت.

***

بعد ذلك أصبح مسجد التوحيد مقصدي ومبتغاي كلما استطعت إلي ذلك سبيلا.. ومن خطباء ذلك المسجد تعلمت الكثير عن الدنيا والآخرة..

عرفت أحوال المسلمين في أماكن لم أكن من قبل ألقي إليها طويل بال فلدينا من الكوارث ما يكفي..

وتعلمت من المسجد أن حل الكوارث التي تحيق بالمسلمين لا يمكن أن يكون جزئيا.. و أن حل مشكة فلسطين لن يتم بمعزل عن دفع الظلم عنهم في الشيشان و أفغانستان وبورما والفليبين..و.. ..

لم يكن مجرد " جامع" بل كان جامعة.. كان يعيد إلي المسجد نموذجه في عصور الإسلام الأولي..

والمسجد مكون من ستة طوابق تكتظ بالمصلين الذين يفيضون في الشوارع.. بني بالجهود الذاتية.. يقوم بنشر الوعي الديني في محاضرات يحتشد لها ألوف.. كما أنه لم ينس واجبه الاجتماعي.. واعتمادا علي التبرعات كان يعول ألفا ومائتى أسرة لكل أسرة من أسر المعدمين مائة جنيه شهريا، و إزاء اقتناع الناس بما يسمعون انهالت التبرعات حتي تمكنت إدارة المسجد من شراء قطعة أرض بجوار المسجد.. واعتزموا بناءها كمستشفي خيري.

***

في أواخر العام الماضي جاء القرار الكارثة فصدر القرار بضم المسجد للأوقاف وهبط عدد رواده المصلين من خمسين ألفا إلي أقل من مائتين.

طعن قلبي..

وكففت عن الذهاب..

كنت أمني نفسي – وكنت علي خطأ- أن في الدولة تيارا عاقلا سيترك مثل هذا المسجد بعيدا عن عمليات الترويض وتجفيف المنابع خاصة أنه لم يذكر أبدا أنه قد نسب إلي رواده القيام بمظاهرة أو أي عمل من أعمال العنف.. كان منارة علم فأطفئوها.

وكان قرار تبعية المسجد للأوقاف تعني تبعيته للدولة – فالأوقاف تابعة للدولة.. وكانت تبعيته للدولة تعني تبعيته لأمريكا و إسرائيل.

لكت المرارة التي سرعان ما شغلتني عنا مرارات أشد..

***

منذ شهور فوجئت بأخبار تنشرها بعض الصحف علي استحياء عن القبض علي تنظيم متهم بتسريب السلاح إلي الفدائيين الفلسطينيين.. وقلت لنفسي أن الذي فعل ذلك قد غطي عورتنا حمانا من فقدان آخر قطرة شرف.

تسربت الأنباء بعد ذلك أن من بين المتهمين الشيخ نشأت..

ثم تسربت أنباء أخري أن بين المتهمين نجل الوزير حسب الله الكفراوي وحفيد أمين الجامعة العربية السابق عصمت عبد المجيد.

أشيع أن المحققين كانوا متعاطفين مع المتهمين، ولم تكن هناك في الواقع قضية، بل مجرد شبهات لا يقوم دليل عليها سوي بلاغ من إسرائيل. وكان الاتهام أنهم كونوا مجموعة لتهريب السلاح إلي فلسطين. وقيل أن السلطة كانت خجلي من توجيه مثل هذا الاتهام إليهم إزاء زخم المشاعر الشعبية التي ستعتبر مثل هذا الاتهام شرفا يستحقون عليه وساما.وسرت الشائعات أن النيابة لن تقدمهم إلي المحاكمة وأنهم سيظلون رهن التحقيق في محبسهم عاما أو بعض عام ثم يفرج عنهم كما حدث في مئات القضايا المشابهة. وتجمدت القضية وسط تعتيم إعلامي كثيف، فالصحف القومية لا تنشر ، أما الصحف الحزبية والمستقلة ( وكلاهما يلبس أقنعة مزيفة للاستقلال عن الحكومة بينما يتلقيان الأوامر منها، ويحدد لهم مسبقا ما يمكن أن يعارضوه، وعادة ما يكون تصفية حسابات بين أجنحة السلطة المتصارعة) فلم تنشر شيئا بعد تحذيرات غليظة من السلطة، وحتي الصحف العربية لم تنشر شيئا، وربما كان يمكن لنا أن نفهم – لا أن نقبل – موقف معظم هذه الصحف، لكننا لا نستطيع أن نفهم موقف صحيفة كالقدس العربي، وهي صحيفة قومية جعلت من فلسطين قضيتها الكبري، وعلي الرغم من أن قضية ما سموه " تنظيم الوعد" كا ينبغي لها أن تكون في صلب اهتمامات هذه الصحيفة ، إلا أنها لم تفعل. إنها تمثل الجزء الأقل سوءا من التيار القومي، الجزء الذي لا يجاهر بالعداء للدين ، وهو جزء ربما يملك النوايا الطيبة التي تقود إلي جهنم، لأن النهاية الطبيعية له بين قصور الفكرة واهتراء الواقع لابد أن يقوده في النهاية إلي مكان تكون فيه إسرائيل أقرب إليه من الإسلام و أقل خطرا، ومن يرد أن يقرأ التفاصيل عن ذلك فليقرأها في كتاب" المبتسرون" للكاتبة أروي صالح. خلاصة الأمر، أن ما يسمي بتنظيم الوعد، قد قام بأقصي ما تطمح إليه صحيفة القدس العربي، وهو تهريب السلاح إلي الفلسطينيين، لكنه ارتكب ذنبا لا يمكن أن يغفره التيار القومي، وهذا الذنب: هو كونه مسلما!!.

ثم حدثت أحداث 11 سبتمبر. وتطوع صحافي من المشهورين بعلاقتهم بأجهزة الأمن بأن ينشر في صحيفته علي نطاق واسع أن هذا التنظيم علي علاقة بتنظيم القاعدة، لقد حسبها الكاتب الهمام أنه بذلك يسدي معروفا إلي النظام في بلادنا، وزاد الأحمق من جرعة أكاذيبه فقال أن من بين أعضاء التنظيم من تدرب علي الطيران في أمريكا تمهيدا للقيام بأعمال إرهابية في مصر، وكان يظن أنه بذلك يضع مصر في نفس الصف مع أمريكا، لكن أمريكا كشرت عن أنيابها متسائلة عن سبب عدم إبلاغها بهذا التنظيم، وبدا أن تقصير (‍‍!!) أجهزة الأمن المصري في إبلاغ أمريكا كارثة، إذ أنهم لو أخطروا أمريكا في الوقت المناسب لربما أمكن توقي ما حدث في 11 سبتمبر. وحاولت السلطة في أعلي مستوياتها إصلاح ما أفسده الكاتب الدب فصرحت بأنه لا علاقة بين تنظيم الوعد وتنظيم القاعدة..

لكنهم وقد وصل الأمر إلي ما وصل إليه سارعوا بتحويل التنظيم كله إلي محاكمة عسكرية.

***

المزيد من التفاصيل يمكن للقارئ أن يرجع إلي مقال نشرته الشعب في الأسبوع الماضي تحت عنوان: " تنظيم الوعد"..

***

ما ذبحني يا قراء.. ما جعلني أسترجع تاريخ عشرة أعوام.. وما جعلني أتذكر انطباعي الأول عن الشيخ نشأت.. هو ما قرأته في المقال الذي نشرته صحيفة الشعب في عددها الماضي..

فلقد عذبوه..

عذبوا الشيخ الجليل واستمر تعذيبه ست ساعات متوالية..

***

يا رب..

يا قهار..

يا جبار..

انتقم..

فأجهزة الأمن في عالمنا الإسلامي أصبحت تبدو كما لو كانت فروعا للموساد والسى آي إيه والإف آي بي..

فانتقم..

يا قهار يا جبار يا عزيز يا مذل.